17 June 2009
FATHIYAKAN
فتحي يكن.. رحيل المُفكر المُربّي.Asww.
د. فتحي يكن
- الشيخ الخطيب: رهن حياته للدفاع عن قضايا الإسلام وفي مقدمتها فلسطين
- جمعة أمين: واجه الطائفية اللبنانية بالحكمة وربَّى جيلاً حمل همَّ الدعوة
- د. محمد بديع: مؤلفاته أضاءت لنا طريق الدعوة بأسمى وأرقى المعاني
- محمد نجيب: تمنَّى رفقة الإمام البنا، سواءٌ في حياته أو في الجنة
- د. خالد فهمي: مكتبة ثرية جعلته رائدًا من روَّاد الحركة الإسلامية المعاصرة
تحقيق- أسامة جابر:
الداعية الكبير الدكتور فتحي يكن رئيس جبهة العمل الإسلامي بلبنان سابقًا، صاحب المسيرة الطويلة مع الدعوة الإسلامية، بدأها منذ خمسينيات القرن الماضي ولم تنتهِ إلا بوفاته منذ يومين.
وُلد الفقيد في 9 فبراير 1933م في طرابلس بلبنان، وهو متزوجٌ وله أربع بنات وولد، وحائزٌ على شهادة الدكتوراه في الدراسات الإسلامية واللغة العربية.
انخرط في العمل الإسلامي في لبنان منذ الخمسينيات؛ حيث انضمَّ إلى الجماعة الإسلامية في لبنان (الإخوان المسلمين)، وتدرَّج في المناصب داخل الجماعة الإسلامية حتى وصل إلى منصب أمين عام الجماعة، وظلَّ مسئولاً عن أمانة الجماعة الإسلامية حتى نجاحه في الانتخابات النيابية عام 1992م؛ حيث قدَّم استقالته.
وكانت من أشهر مبادراته السياسية تلك التي أطلقها للخروج من أزمة السلطة القائمة بين الحكومة اللبنانية السابقة برئاسة فؤاد السنيورة وحلفائها وبين المعارضة بقيادة حسن نصرالله، وميشال عون، ونبيه بري، وأمَّ المصلين وخطب الجمعة في أكبر تجمع للمعارضة يوم الجمعة 8 ديسمبر 2006م.
وأصدر عدة مؤلفات، تُرجم معظمها إلى عدد من لغات العالم، وتزيد على 35 مؤلَّفًا ومن أبرزها: (مشكلات الدعوة والداعية، كيف ندعو إلى الإسلام؟!، نحو حركة إسلامية عالمية واحدة، الموسوعة الحركية، ماذا يعني انتمائي للإسلام؟!، حركات ومذاهب في ميزان الإسلام، الاستيعاب في حياة الدعوة والدعاة، نحو صحوة إسلامية في مستوى العصر، المناهج التغييرية الإسلامية خلال القرن العشرين، الإسلام فكرة وحركة وانقلاب، الشباب والتغيير، المتساقطون على طريق الدعوة، أبجديات التصور الحركي للعمل الإسلامي، قطوف شائكة من حقل التجارب الإسلامية).
فلسطين في دمه
الشيخ محمد عبد الله الخطيب
بدايةً يقول الدكتور عبد الله الخطيب عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين إن الراحل كان عالمًا من علماء الإسلام، هذَّب نفسه وأدَّبها، وأكرهها على الفضائل، مهما ثقلت عليه، فصار عالمًا يعلِّم الأمة الحق أينما وُجد، وشغل نفسه بالدعوه، فصار داعيًا لاصول الفكرة الإسلامية، وحمل مشاقَّ الدعوة فوق ظهره ليتخطَّى بها الصعاب والعراقيل، فكانت بفضل الله شديدة الصلابة، مضيفًا أنه كان يبهر الأسماع بطيب قوله الحكيم الذي تتعالى فيه أحاسيسه ومشاعره عن آفات الدنيا.
وتابع: "كان كاتبًا فَقِه فنَّ كتابة الإسلام المقنِع المنطقي الفعَّال، وباعد بينه وبين التطوُّح والتمايل والخطابات والكلام المعسول الرنَّان، وتمسَّك بالجدية في كل شئونه، وعمل بسلوك أصحاب العزائم، فوهب نفسه لهذه الدعوة، وسهر ليله، وأتعب مضجعه، يحمل همَّها، ويفكر في علاج أزماتها وصعابها"، مضيفًا أن مكتبته تميزت بالشمول في جميع مناحي الفكر الإسلامي.
وأكد الخطيب أنه- رحمه الله- كان من نسيج خاص تربَّى ونشأ على القوة في الحق، وحرص الجميع على رفقته وصحبته لبشاشته الدائمة وتواضعه الجمّ، مضيفًا أنه وضع القضية الفلسطينية في أهم أولوياته، ولم يتوانَ في الدفاع عنها.
وتابع: "رأيته منذ عشر سنوات في مكتب الإرشاد- قُبَيل حصار الحكومة لقياداتنا من الإخوان المسلمين في الداخل والخارج من التحرك ومنعهم من السفر- فشهدته وقد تمكَّن منه المرض؛ لكن نفسيته كانت تقاوم، وهمَّته أبهرتنى، فقد كادت عزيمته أن تناطح السحاب في تبليغ رسالته".
وطالب د. الخطيب أفراد الصف الإسلامي بالتأسي بوفائه وإخلاصه، وأن يسترجعوا كتبه ومؤلفاته؛ ليدركوا كيف كانت حياته هو ومن سبقوه من الرجال، لينهلوا من علمهم وميراثهم الذي حوَّلوه إلى واقع من الالتزام السلوكي والأخلاقي.
تاجر النوايا
جمعة أمين
ويقول الأستاذ جمعة أمين عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين إن الدكتور يكن كان أحد الدعاة القلائل المسئولين الأمناء على الدعوة الإسلامية في وطنه، وواجه الطائفية المنتشرة في بلاده بالحكمه والمنطق، وربّى إخوانه على السلوك القويم والأخوَّة والإيثار.
وأضاف: "مَن يواكب كتبه يقع على حصيلة من المفاهيم الخاصة التي لا يستطيع تطبيقها إلا قلةٌ من أصحاب العزائم القوية؛ فقد اتسمت حياته بالزهد والرقة، وسمعت عنه أنه كان من تجَّار النوايا، وحياته كلها جهاد لا يُقدِم على الأعمال إلا بالإخلاص المتناهي الحدّ والصدق الذى يذرف دمعه كالنهر".
وأكد أن مكتبة يكن الدعوية تشهد بتاريخه في تناول المنهج الحركي للإخوان المسلمين وأساسياته وضوابطه؛ في أسلوب بليغ ومنطق فريد لا ينازعه فيه أحد.
المُصلح
د. محمد بديع
ويؤكد الدكتور محمد بديع عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين أن الفقيد- رحمه الله- أعطى لنا وللأجيال القادمة نموذجًا عمليًّا جسّد شموخ وروعة سلف الحركة الإسلامية وجيله على امتداد الزمان والمكان، وأن ما رصده- رحمة الله عليه- في كتبه عن عطاء الحركه الإسلامية؛ يؤكد لجيلنا وللأجيال القادمة على امتدادها أنه ينبغى لنا ألا نتحرك في انتمائنا للفكرة الإسلامية ونحن نصطحب شعور اليُتْم والغربة، فقد أضاء لنا- رحمه- الله طريقنا بأسمى وأرقى المعاني.
وشدَّد د. بديع على أن الراحل كان مصلحًا وسط النزاعات داخل الحركة في لبنان؛ فقد أقرَّ لها أرضًا وعينًا، فصاحبها الاستقرار والأمان، وكان دوره الإصلاح داخل الحركة وخارجها، وهدفه الداعي إليه تضافر الجهود لأجل رأْب الصدع ولمِّ الشمل عبر وسطية وحيادية رائعة.
وأشار د. بديع إلى أنه تأثر تأثرًا بالغًا بكتابه "ماذا يعني انتمائي للإسلام؟" داعيًا الله عز وجل أن يرحمه رحمة واسعة، ويبدله دارًا خيرًا من داره وأهلاً خيرًا من أهله.
رفقة البنا
محمد نجيب
في نفس السياق يقول محمد نجيب أحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين إن الفقيد- رحمه الله- كان له دور كبير في بناء الحركة الإسلامية في لبنان، ومكتبته تعبر عن حياته ومواقفه، وتسري فيها الأصالة في جميع المجالات؛ حيث تحدَّث في منهج الإخوان المسلمين داعيًا العالم كلَّه بالحكمة والموعظة الحسنة وببسمته التي لم تفارقة قط.
وأضاف: "كان مسموع القول، متعمِّقًا بميراث الصحابة والتابعين، وملمًّا بميراث إخوانه ممن سبقوه كالإمام الشهيد حسن البنا"، مشيرًا إلى ما سمعه عنه- رحمه الله- أن أمنيته الدائمة رفقة الإمام البنا في حياته وفي الجنة.
وأوضح: "جاهد الفقيد مخلصًا يدعو في أفعاله إلى الخير، وكان إمامًا وخطيبًا عذب القول، قويَّ الحجة والبرهان، حكيم المنطق، علَّم الإخوان مفاهيم الدعوة الإسلامية، وامتدَّت شعبيته خارج لبنان، وتميَّزت كتاباته في جميع مجالات الدعوة بالقوة والصرامة في قول الحق".
وأكد نجيب أن الراحل طالب بتوحيد الصف اللبناني أمام العدو الصهيوني الغاشم، ووجَّه قلمه وصوته نحوهم، داعيًا إلى نبذ الخوف والصمت وتحرير فلسطين، إلى جانب أنه يوم فُرقة لبنان واحتكاك الشعب مع النظام؛ قام باللبنانيين مصليًا في ساحة الشهداء، وأكد لهم أن العدو الحقيقي هو الكيان الصهيوني، محذِّرًا من إراقة دماء الوطن دون ثمن.
مكتبة ثرية
د. خالد فهمي
ومن جانبه يقول الدكتور خالد فهمي أستاذ علم اللغة بكلية الآداب جامعة المنوفية إن العالم الجليل فتحي يكن- رحمه الله- كان أحد أعظم المنظّرين في الفكر المعاصر؛ لاستناده على قواعد سطَّرت منه نموذجًا ناجحًا ومؤثرًا ومبهرًا كأحد رواد الحركة الإسلامية؛ منها ملاحقة المشكلات التي كانت تعرض على الحركة الإسلامية بالتحليل والمناقشة وإيجاد الحلول، ومنها أيضًا ابتكاره في التنظير لكثير من القضايا الشائكة داخل الحركة الإسلامية، ويكفي لذلك التقاط العناوين الأسطورية لبعض مؤلفاته مثل "الإيدز الحركي"، و"المتساقطون على طريق الدعوة ".
وأضاف أن الراحل تميز بإيمانه العميق عمليًّا بعالمية الحركة الإسلامية، وهو ما نلمسه في كتابه الرائع الذي ظهر فيه رافضًا لما يشوب الحركة الإسلامية على مستوى القطر العربي والإسلامي في كافة المجالات العلمية "الإنتاج الفكري لأعلام الحركة الإسلامية".
وأشار د. فهمي إلى مجموعة من العوامل الشخصية والذاتية؛ كان لها الأثر الأكبر في نبوغه على رأس قائمة الحركة الإسلامية؛ أهمها أنه عاصر شخصيات الحركة من بداية التأسيس حتى وقتنا هذا، إلى جانب عامل آخر رفع رصيده على مستوى التنظير الفكري، وهو نشأته وتربيته في بيئة لبنانية غلب عليها تعدُّد الأطياف الفكرية المتصارعة؛ "عندها تدرك حجم العطاء الفكري والحركي لهذه الشخصية اللامعة".
وأوضح أن النظر إلى قيادة الحركة الإسلامية في لبنان بخصائصها السنية الشاملة، في وقت تقف فيه على أقصى اليمين أطياف متعددة من الشيعة وعلى أقصى اليسار أطياف متعددة من نظار اليسار العربى؛ يجعلنا ندرك عبقرية فتحي يكن التنظيرية والحركية التي حافظت على استمرار مسيرة الحركة الإسلامية في لبنان، وأسهمت في تناميها وزيادة المنتمين إليها وتطورها مع الأحداث المختلفة.
وشدَّد على أنه مدين للعالِم- رحمه الله- بمقولته الهامَّة في كتابه "المتساقطون على طريق الدعوة" إن الحركه الإسلامية لا يقلِّل من قيمتها أن تعترف بالأخطاء التي تعود بالضرر على أفرادها.
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment