15 October 2008
Moneter
Asww.
دعا خبراء الاقتصاد الحكومة المصرية إلى عدم التفرد بزمام الأمور فيما يتعلق بالأزمة المالية التي تحيط بالعالم، مؤكدين أن البيئة المالية العالمية الحالية تعتبر مهيئةً جدًا لانفجار الأزمات وفقًا لنظرية الهشاشة المالية.
وأكدوا في ندوة عقدها المنتدى الاقتصادي بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة تحت عنوان (الأزمة المالية العالمية وتداعيتها على الاقتصاد المصري) أن الأزمة أكبر بكثير مما تتصور الحكومه؛ سواء على مستوى الفهم والإدراك أو على مستوى اتخاذ القرار؛ مطالبين بمراجعة مشروع الموازنة العامة لسنة 2008- 2009م؛ لأن الفشل هو مصيرها.
وأوضحوا أن الأقوال المروِّجة أن مصر في مأمن عما يعصف بالعالم من انهيارات مالية واقتصادية هي أقوال تروِّج لأوهام لا أساس لها من الصحة.
وانتقد الدكتور جودة عبد الخالق أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية احتكار الحكومة المصرية للمعلومات، وتفردها بالقرار، موجهًا الدعوة لصانعي القرار، قائلاً: "أجدِّد دعوتي لعل أن يتلقاها عاقل بتشكيل فريق قومي من أبناء مصر الاقتصاديين وعلمائها للتصدي لتلك الأزمة؛ لأن كلنا في النهاية شركاء في تداعياتها".
وأوضح جودة أن السبب الحقيقي وراء الأزمة المالية العالمية ما شهدته الأسواق المالية العالمية من إطلاق حركات رؤوس الأموال جعل المسيطر الأول على صناعة المال في العالم هو عدد من المؤسسات العملاقة شديدة التعقيد التي تعمل وفقًا لما يُعرف بالتمويلات الضخمة الرافعة، والتي تصب نشاطها في الأسواق المالية المغتربة المميزة بالبعد عن أي سلطة أو رقابة.
وأكد جودة أن الادعاءات التي يردِّدها البعض بأن مصر في مأمن عن الأزمة العالمية هو ادِّعاء عار تمامًا من الصحة لأن كبرى صناديق المال في العالم، سواء أمريكا أو غيرها، ليست في أمان عن تلك الأزمات.
وأوضح أن البيئة المالية العالمية الحالية تعتبر مهيأةً جدًّا لانفجار الأزمات المالية، وفقًا لنظرية الهشاشة المالية الشهيرة؛ حيث نعيش الآن في ظل تحرير الأسواق من قبضة الدولة، وكذلك تحرير انتقال رؤوس الأموال في وجود مجموعة من الحيتان الاقتصادية المهيمنة على العالم والأسواق.
وأكد أن مصر تتأثر بالأزمة العالمية بكل أبعادها؛ قائلاً: "الاقتصاد المصري يتعرض لأكبر صدمة خارجية في تاريخه الحديث.. الصدمة التي ستؤدي للانشطار وانفجار الاقتصاد المصري؛ فهي الصدمة الأكبر حجمًا في الذاكرة المصرية، خاصة بعد 30 عامًا من السياسات المتعمدة لما يسمى بإدماج مصر في الاقتصاد العالمي".
وحذَّر د. جودة مما ينتظر الموازنة العامة من عجز شديد، قائلاً "السفينة الأمريكية طالها العطب ونحن نتشبث بها طلبًا للنجاة بما نسميه بشراكة مصرية أمريكية، فضلاً عما أصاب الاقتصاد الخليجي من تدهور؛ الأمر الذي سيؤدي إلى تفاقم عجز الموازنة في الدولة؛ لأن تلك الموازنة مبنية على افتراضات وحسابات أصبحت أثرًا بعد عين، في ظل ما أصاب الأسواق العالمية؛ والدليل على ذلك ما حدث في الموازنة عند إعلان الرئيس مبارك لعلاوة 30% مما اضطر إلى إعادة الموازنة العامة، فما بالنا بما أصاب اقتصاد العالم!!".
وأوضح الدكتور محمد صلاح سالم نائب رئيس مجلس إدارة البنك العقاري أن المشكلة بدأت عندما كانت البنوك الأمريكية تملك سيولة ضخمة مع فائدة بسيطة، فقررت استثمار تلك السيولة من خلال منح قروض كبيرة جدًّا تخطَّت الحدود وحطمت قواعد اللعبة المالية بالتوسع في التمويل العقاري دون دراسة.
جانب من الحضور
وأشار إلى أن ذلك خلق نشاطًا وارتفاعًا شديدًا في النمو العقاري؛ حيث تخطت قيمة القروض ثلاثة أرباع قيمة العقار المفترضة له في المستقبل وصولاً إلى ما يقارب 100 % من قيمة العقار دون ضمانات قوية تضمن سداد السندات؛ فأصبح الأمر مجرد إنتاج أوراق مالية عابرة للحدود عن طريق ما يعرف بعمليات التوريد.
وأوضح أن هذا الوضع خلق عملاء اقترضوا أكثر من طاقتهم، وأنفقوا ما لا يستطيعون تسديده وتعثروا؛ فبدأت المؤسسات المالية بإعدام قروضهم التي تقدَّر بالمليارات بتكتم شديد حتى شهر سبتمبر الماضي حين انتشرت العدوى في كل البنوك الأمريكية؛ نتيجةً لما يعرف بـ"القروض المسممة" التي لا تستطيع أن تحصلها؛ فضلاً عن أنها لا تمتلك السيولة الكافية للوفاء بالتزاماتها اليومية، وهنا ظهر ما يعرف بأزمة السيولة، وأشهرت العديد من المؤسسات المالية إفلاسها وأنقذ بعضها وأمِّم البعض الآخر.
وأكد سالم أن مصر ليست معزولة عن العالم؛ حيث يصل حجم المستثمرين الأجانب في البورصة المصرية 40% من عملائها؛ محذِّرًا من التداول بالشراء الهامشي الذي يهدِّد بإفلاس العملاء الذين لا يملكون سيولة مالية تضمن سداد قروض البنوك الخاصه بإتمام صفقات التداول الخاصة بهم في البورصة.
وعن الآثار المتوقعة لتلك الأزمة على مصر قال سالم "العديد من المصريين في الخارج سوف يفقدون وظائفهم واستثماراتهم وستتوقف تحويلاتهم المالية إلى البلاد؛ فضلاً عن توقع إفلاس العديد من المؤسسات والشركات أو اتجاهها في أفضل الأحوال لضغط إنفاقها وكذلك سيعمل المواطنون على ضغط إنفاقهم في ظل انخفاض حركة الإنفاق العالمي وانخفاض التجارة العالمية؛ مما سيخلق انخفاضًا مماثلاً على طلب الطاقة لما يهدد العديد من المصانع بالإغلاق لأنها إما لا تملك سيولة للإنتاج أو أنها لا تضمن أن يباع منتجها إذا صنعته".
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment