08 September 2009

Ramadanpanasthnajranbaru


"الصيف، رمضان، العيد والمدارس.. كلاكيت تاني مرة".. تتوالى المناسبات المتعاقبة على المواطن المصري البسيط لتثقل كاهله بمزيد من الأعباء، وتضعه في موقف حرج، لا يتمكن فيه من تدبير تلك المتطلبات، خاصةً مع الزيادة الجنونية في أسعار السلع والخدمات مقابل تدني مؤشر الأجور والمرتبات.

فقبل أن ينقضي موسم المصايف أقبل شهر رمضان الكريم مع المصاريف التي تثقل بها الأسرة ميزانيتها في الياميش وخلافه، قبل أن يأتي عيد الفطر المبارك وما يحتاجه من "كحك" و"عيديات"، ويعقبه موسم المدارس ومستلزماته الدراسية والمصاريف المدرسية والدروس الخصوصية.

وتؤكد الإحصائيات الرسمية أن المصريين ينفقون ما لا يقل عن 6 مليارات جنيه في موسم المدارس والجامعات، من بينها 201 مليار جنيه تضيع على الدروس الخصوصية فقط, فضلاً عن 650 مليون جنيه يلتهمون 66 ألف طن من كحك العيد، ما سيتضاعف هذا العام بفضل زيادة أسعار الدقيق والمسلي والزيوت والسكر.

فهل تستطيع الأسرة المصرية الصمود أمام أعاصير المواسم وموجات ارتفاع الأسعار فيها؟ وما الخطط المعدة في البيوت لتفادي ذلك؟ وما الروشتة التي يصفها الخبراء والمتخصصون لحل الأزمة؟
(إخوان أون لاين) يجيب عن تلك الأسئلة وأكثر في سطور التحقيق التالي:

أين الحل؟!

في بداية جولتنا قابلنا نعيمة محمد السيد (ربة منزل) وسألناها عن كيفية الموازنة بين مصاريف المناسبات المتعاقبة، فقالت: "للسنة التانية مش هنعرف نوفق بين مصاريف رمضان والعيد والمدارس، إحنا اقترضنا السنة اللي فاتت علشان نوفر المصاريف ومش عارفين هنعمل إيه في الظروف دي؟".

وطالبت الحكومة بخيارين؛ إما زيادة المرتبات أو تخفيض الأسعار لرفع المعاناة عن المواطنين ومساعدتهم قليلاً على مواجهة تلك الأزمة.

وتقول سنية أحمد مصطفي (مدرسة) "نحن من ضمن آلاف الأسر التي تستعد لهذه الأيام منذ فترة طويلة، منذ نهاية العام الدراسي الماضي بعمل بعض الجمعيات؛ حتى نستطيع تدبير مصاريف الدراسة للأولاد بجانب مصاريف شهر رمضان والعيد".

السلبية

من جانبه يرى أحمد حسين (محام) أن الشعب المصري شعبٌ سلبي لا يستطيع رفض غلاء الأسعار، "وبالتالي ستستمر زيادة الأسعار ويستمر انخفاض دخول الأفراد ولا يوجد حلٌّ؛ لأن سياسة الحكومة ليس لها معالم واضحة في حل المشكلات التي يعاني منها المواطن، ولا تقوم بمدِّ يد العون للشعب لتقديم بعض السلع الاستهلاكية أو بعض الملابس بأسعار مخفضة للأسر الكادحة".

وعلى عكس ما سبق تقول ليلى محمود (ربة منزل) إنها تكيِّف أسرتها مع الظروف المتاحة لها ولا تقوم بتحميل نفسها أكثر من طاقتها، مؤكدةً أن قدوم المناسبات في آن واحد لا يسبب لها أي مشكلة؛ لأنها تفكر بنظرة عملية للواقع.

ولتوضيح ذلك أكثر تقول: "بدل ما نشتري هدوم جديدة في المدارس نستخدم الهدوم بتاعت السنة اللي فاتت، أو نجيب طقم واحد في العيد بدلاً من كذا طقم، ونمشِّي حذاء العيد في المدارس، وهكذا".

أولويات

ويقول ياسر إبراهيم (موظف) إنه يقوم بوضع أولويات لهذه المناسبات، مثل شراء ملابس العيد وتغطية مصاريف شهر رمضان أولاً، والاستغناء عن المصيف؛ لأن الميزانية في رمضان تكون ضعف الميزانية العادية فى الشهور الأخرى، وبالتالي المرتب لا يكفي مما يجعله يلجأ إلى عمل جمعيات شهرية.

ويضيف أن تعاليم الإسلام علمتنا الاقتصاد في كل شيء مثلما قال الله تعالى ﴿وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29)﴾ (الإسراء).

الكماليات

"لماذا لا يستغنى الناس عن الأشياء الكمالية ويهتموا بتوفير المطالب الأساسية فقط ؟"، هذا ما بدأ به الدكتور على حافظ منصور أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة حديثه، موضحا أن مشكلة العادات والتقاليد في بلدنا تؤثر على زيادة الأنفاق، مثل ياميش رمضان وكحك العيد.

وأشار إلي أن الفوارق الطبقية بين المواطنين تعمل علي زيادة الأزمة، وخاصة عند قدوم العام الدراسي لأن الآباء يُفرض عليهم شراء ملابس جديدة لأولادهم حتي لا ينظرون لغيرهم، "فهذه أشياء لا نستطيع أن نغيرها لأنها توارثت من الأجداد إلى الأبناء".

وطالب د.منصور الأسر المصرية بالتوقف عن ظاهرة الاستهلاك المظهري، وأن ينفق كل فرد على قدر إشباع احتياجاته الأساسية بقدر الإمكان لمواجهة تداعيات الأزمة.

3 طرق!

وأرجع الدكتور محمد النجار الخبير الاقتصادي أزمة المصريين في رمضان والمواسم المتتالية إلى خلل هيكل الأجور؛ حيث لا تتناسب بأي شكل من الأشكال مع الارتفاع المتزايد في الأسعار، والذي لا تستطيع الحكومة السيطرة عليه.

وأشار إلي أن الفترة ما بين شهري أغسطس وأكتوبر من كل عام فترة عصيبة على ميزانية الأسرة المصرية، وخاصةً الطبقة الكادحة التي تتطلب تدبير احتياجاتهم ليجتازوا هذه الأزمة.

وأضاف أن المواطن المطحون في هذه الحالة ليس له أمامه إلا 3 حلول يختار بينها، إما أن يستجيب لمتطلبات الأسرة باستدانة المبالغ المطلوبة، أو يحرم نفسه وأسرته حرمانًا مطلقًا من أشياء مهمة، أو أنه يلجأ إلى الطرق غير المشروعة أو وسائل الدخل التي تعتمد على "الفهلوة"؛ للحصول على دخل كافٍ له ولأسرته، ومنها الرشوة.

أزمات مفتعلة

وتختلف زينب الأشوح أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر حول الأزمة المالية التي يعاني منها المواطنون من جرَّاء توالي المناسبات، مؤكدةً أن المواطن هو الذى يضع نفسه في هذه الأزمة "المفتعلة"، التي من الممكن تحويلها إلى ظاهرة إيجابية باستغلال المناسبات استغلالاً صحيحًا مثل أن يكون الصيف فرصةً للعمل أو ممارسة الهوايات الإيجابية للإعداد للمستقبل الوظيفي.

وأضافت أن الأسرة لا بد أن تقوم بعمل مشاريع صغيرة تجلب لهم دخولاً إضافيةً بجانب الدخول الثابتة لهم لمواجهة زيادة المصاريف، خاصةً مع ثبات الأجور وارتفاع السعار بشكل جنوني.

وتساءلت قائلةً: "لماذا يخرج الناس إلى المصايف بمبالغ مرتفعة؟ على الرغم من أنه يمكن أن نجعل من بيوتنا مصيفًا ونوفر تكاليفه بأكثر من وسيلة، مثل شراء حمام السباحة البلاستيك، أو الخروج إلى بعض الحدائق لقضاء الأوقات بها".

وأوضحت أن شهر رمضان من المفترض أنه شهر اقتصادي؛ لأن الله تبارك وتعالي قال ﴿إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27)﴾ (الإسراء)، مضيفةً أن رمضان يساعد على ذلك؛ لأن الصائم يتناول وجبتين فقط؛ هما الإفطار والسحور.

وطالبت د. الأشوح بوقف نزيف القروض الزائدة عن الحد المطلوب؛ "فهناك أسر تشتكي من الفقر وتأخذ قرض؛ بحجة أنه قرض إسلامي لشراء بعض الأشياء غير المهمة مثل شراء سيارة أو بعض الأشياء"، مشددةً على ضرورة معرفة كيف تقدم الأوربيون للوقوف على أسباب تأخرنا عنهم؛ فهم يقومون بشراء الأكل بالوحدة ويرشدون الطاقة والمياه.

No comments: