01 July 2009
Konprensi
Asww.
إستانبول- أكد العلامة الدكتور يوسف القرضاوي رئيس المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث أن ثلث المسلمين في العالم من الأقليات، وهو ما يفرض على الأكثرية المسلمة الاهتمام بقضاياهم، خصوصا المسلمين الذين يعيشون في المجتمعات الغربية؛ لأن الغرب هو سيد العالم.. حسب تعبيره.
وشدد على أن هناك "حرب إحصاءات" لتقليل عدد المسلمين الذين يعيشون في مجتمعات غير مسلمة، داعيا مسلمي أوروبا ألا يتفرقوا بسبب الجنسيات والمذاهب.
واستنكر القرضاوي أن يكون لطوائف وجنسيات في أوروبا مساجد خاصة بهم، مشيرا إلى أن ذلك ربما كان مقبولا في بدايات هجرة المسلمين هناك، لكن في ظل الأجيال المسلمة التي ولدت في أوروبا لم يعد هذا الأمر مستساغا.
جاء ذلك في كلمته الافتتاحية بالدورة التاسعة عشرة للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، والتي تعقد بمدينة إستانبول التركية في الفترة من 30/6 إلى 5/7/2009م
وشدد القرضاوي على رفضه استخدام مصطلح "الجاليات المسلمة في البلاد الغربية"، موضحا أن "الجالية مشتقة من الجلاء، في حين أن غالبية المسلمين في أوروبا مواطنون أوروبيون"، مفضلا مصطلح الأقليات المسلمة في الدول الغربية.
استحقاقات المواطنة
ودعا القرضاوي الأقليات المسلمة التي تعيش في المجتمعات الغربية إلى أن تقوم بواجبات المواطنة، رافضا بعض الأفكار والثقافات التي ظهرت تدعو المسلمين إلى التهرب من بعض الاستحقاقات أو استحلال بعض الأموال.
ولفت إلى أن المسلمين دخلوا تلك المجتمعات بـ"عقد أمان، ويقتضي ذلك منهم احترام نظامها العام، فلا يستحلون أموال الناس، ولا يأكلونها بالباطل".
وأشار القرضاوي إلى أن دور المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث ضروري وحيوي لمسلمي الغرب، بحسبانه يقوم بعملية تنوير وترشيد للمسلمين، بما يحقق اندماجهم في مجتمعاتهم الغربية.
واستدرك مشيرا إلى أن الدول الغربية لم تعد تتحمل وجود المجلس، قائلا: "الأوروبيون لم يعودوا يتحملوننا، مع العلم أننا نعمل لصالحهم، وندعو المسلمين إلى أن يندمجوا في مجتمعاتهم، دون أن يتخلوا عن عقيدتهم.. فكثير من الدول الأوروبية لم تتسع لوجودنا".
وفي تفسيره لأهمية وجود المجلس قال: "وجود أقليات مسلمة في الغرب استدعى وجود مؤسسة ترعى الجانب الشرعي لتلك الأقلية؛ لأن المسلمين أمة دينية، ليس بالمعنى الكهنوتي، ولكن بمعنى اهتمامها بواجباتها الدينية؛ حيث لا يفصل الإسلام بين الدين والدنيا في تعليماته، ولهذا تم إنشاء المجلس الأوروبي للإفتاء..".
يذكر أن الدورة الحالية للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث تناقش قضايا المعاملات المالية في الغرب، ومن بينها الاقتراض من البنوك الربوية، والأزمة المالية العالمية، وتجربة المصارف الإسلامية في أوروبا.
المجلس وتيسير الفتوى
وأكد القرضاوي أن المجلس الأوروبي للإفتاء يقوم بدور مهم في مسألة تجديد الفتوى، وأنه يعتمد التيسير، مشيرا إلى أن "التيسير ليس معناه لي أعناق النصوص، ولا قهر النص والدليل كي يقول ما ليس فيه..".
وأشار إلى أن المسلمين في أوروبا لهم مشاكلهم الخاصة، وبالتالي فمن حقهم أن يكون لهم حلول من خلال فتاوى خاصة بهم؛ لأن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والأشخاص، مشيرا إلى أنه أمر مألوف في المذاهب الإسلامية الكبرى، حيث غير تلامذة أبي حنيفة ما يقرب من ثلث مذهبه، وغير الإمام الشافعي جزءا كبيرا من آرائه الفقهية عندما قدم مصر من العراق.
وفي تحليله لتلك الظاهرة داخل السياق التشريعي الإسلامي ألمح القرضاوي إلى أنها "دليل على تمتع الشريعة الإسلامية بقدر من المرونة، والقدرة على إيجاد حلول للأسئلة التي يطرحها الواقع المعاصر تلبية لاحتياجاته".
وتساءل متعجبا: "إذا كان المسلمون يمتلكون هذه الثروة التشريعية فلماذا يتسولون.. فتسول الغني لا يجوز".
نسعى للاعتراف
أما الشيخ حسين حلاوة الأمين العام للمجلس الأوروبي للإفتاء فأكد في كلمته أن المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث مؤسسة مستقلة في البحوث والدراسات الشرعية، وما يعترض المسلمين على الساحة الأوروبية من مشكلات تحتاج لفتاوى ورؤى شرعية.
ولفت إلى أن المجلس يسعى للاعتراف به من الدول الغربية كجهة مختصة في الفتوى بالنسبة لمسلمي أوروبا، مؤكدا أن فتاوى المجلس تتحسس الواقع الأوروبي، وتعتمد التيسير في الفتوى وليس التساهل، مشيرا إلى أن المجلس يولي أهميته الأولى لما يتعلق بالواقع الأوروبي أو ما يسمى بفقه الأقليات.
وعلى صعيد علاقات المجلس بالهيئات والمجامع الفقهية المناظرة أوضح الشيخ حسين أن المجلس غير منافس للمجامع الفقهية المختلفة، لكنه متعاون معها فيما يتعلق بفقه الأقليات، بما له من خبرات في هذا المجال.
وأكدت بعض الكلمات التي ألقيت في الجلسة الافتتاحية على ضرورة تشجيع حوار المسلمين مع غيرهم خاصة المسيحيين في أوروبا، حتى يقف الطرفان في مواجهة التيار الإلحادي المادي، مؤكدة أن صورة المسلمين والإسلام في الغرب تحتاج إلى حكمة لتحسينها وإزالة الكدر الذي لحق بها، وأن هناك مؤشرات على تغير فيما يتعلق برؤيته للإسلام، وهو تغير فيه قدر من الإيجابية ينبغي البناء عليها.. حسب ما جاء بالكلمات.
يذكر أن المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث هيئةٌ إسلاميةٌ متخصصةٌ مستقلةٌ، يتكون من مجموعة من العلماء ومقره الجمهورية الأيرلندية، وقد عقد لقاؤه التأسيسي في مدينة لندن في بريطانيا في الفترة من 21-22 من ذي القعدة 1417 هـ الموافق 29-30 من شهر مارس 1997 م بحضور ما يزيد على خمسة عشر عالما. وكان ذلك تلبية لدعوة من قبل اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا، وفي هذا اللقاء تم إقرار مسودة الدستور لهذا المجلس - النظام الأساسي.
ومن أهم أهدافه إيجاد التقارب بين علماء الساحة الأوروبية، والعمل على توحيد الآراء الفقهية فيما بينهم حول القضايا الفقهية المهمة، وإصدار فتاوى جماعية تسد حاجة المسلمين في أوروبا وتحل مشكلاتهم في ضوء أحكام الشريعة ومقاصدها، وترشيد الصحوة الإسلامية في أوروبا.
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment